المذاهب الاربعة ومذهبنا

بسم الله الرحمن الرحيم

سال الشيخ البشري (شيخ الازهر ) السيد شرف الدين العاملي :
لم لا تاخذ الشيعة بمذاهب الجمهور ( يعني مذهب الاشعري) في اصول الدين والمذاهب الاربعة في الفروع وقد دان بها السلف الصالح وراوها اعدل المذاهب وافضلها واتفقوا على التعبد بها في كل عصر ومصر واجمعوا على عدالة اربابها واجتهادهم وامانتهم وورعهم ونزاهة اعراضهم وعفة نفوسهم وحسن سيرتهم وعلو قدرهم علما وعملا .
وتابع يقول : وما اشد حاجتنا الى وصل حبل الشمل وقد عقد اعداء الدين ضمائرهم على الغدر بنا وسلكوا في نكايتنا كل طريق واسهروا قلوبهم والمسلمون غافلون كانهم في غمرة ساهون وقد اعانوهم على انفسهم حيث صدعوا شعبهم ومزقوا بالتحزب والتعصب شملهم فذهبوا ايادي وتفرقوا قددا يضلل بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض وبهذا افترستنا الذئاب وطمعت بنا الكلاب . فهل تجدون غير الذي قلناه -هداكم الله- الى لم هذا الشعث سبيلا ؟ ولك السلام .

اجاب العاملي : ان تعبدنا في الاصول بغير المذهب الاشعري وفي الفروع بغير المذاهب الاربعة لم يكن لتحزب ولا تعصب ولا للريب في اجتهاد ائمة تلك المذاهب ولا لعدم عدالتهم ونزاهتهم وجلالتهم علما وعملا .
لكن الادلة الشرعية اخذت باعناقنا الى الاخذ بمذهب الائمة من اهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ...... فانقطعنا اليهم في فروع الدين وعقائده واصول الفقه وقواعده ومعارف السنة والكتاب ........وتعبدا بسنة سيد المرسلين (ص).
على انه لا دليل للجمهور على رجحان شيء من مذاهبهم فضلا عن وجوبها وقد نظرنا في ادلة المسلمين نظر الباحث المحقق بكل دقة واستقصاء فلم نجد فيها ما يمكن القول بدلالته على ذلك الا ما ذكرتموه من اجتهاد اربابها وامانتهم وعدالتهم وجلالتهم .
لكنكم تعلمون ان الاجتهاد والامانة والعدالة والجلالة غير محصورة بهم فكيف يمكن الحال ان تكون مذاهبهم واجبة على سبيل التعيين ؟
وما اظن احدا يجرء على القول بتفضيلهم في علم او عمل على ائمتنا وهم ائمة العترة الطاهرة وسفن نجاة الامة ... وثقل رسول الله وبقيتهه في امته وقد قال (ص): (فلا تتقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم ) لكنها السياسة وما ادراك ما اقتضت في صدر الاسلام.
والعجب من قولكم ان السلف الصالح دانوا بتلك المذاهب وراوها اعدل المذاهب وافضلها واتفقوا على التعبد بها في كل عصر ومصر كانكم لا تعلمون بان الخلف والسلف الصالحين من شيعة ال محمد (ص) وهم نصف المسلمين , انما دانوا بمذهب الائمة من ثقل رسول الله فلم يجدوا عنه حولا وانهم على ذلك من عهد علي وفاطمة الى الان حيث لم يكن الاشعري ولا احد من ائمة المذاهب الاربعة ولا ابائهم .
على ان اهل القرون الثلاثة مطلقا لم يدينوا بشيء من تلك المذاهب اصلا واين كانت تلك المذاهب عن القرون الثلاثة ؟ وهي خير تلك القرون وقد ولد الاشعري سنة سبعين ومائتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلاثمئة وابن حنبل ولد سنة اربع وستين ومئة وتوفي سنة احدى واربعين ومئتين والشافعي ولد سنة خمسين ومئة وتوفي سنة مئتين واربع ومالك ولد سنة خمس وتسعين ومات سنة تسع وسبعين ومئة وابو حنيفة ولد سنة ثمانين وتوفي سنة خمسين ومئة والشيعة يدينون بمذهب الائمة من اهل البيت وغير الشيعة يعملون بمذاهب العلماء من الصحابة والتابعين فما الذين اوجب على المسلمين كافة بعد القرون الثلاثة تلك المذاهب دون غيرها من المذاهب التي كان معمولا بها من ذي قبل ؟ وما الذي عدل بهم عن اعدال كتاب الله وسفرته وثقل رسول الله وعيبته وسفينة نجاة الامة وقادتها.
وما الذي سد باب الاجتهاد في وجوه المسلمين بعد ان كان في القرون الثلاثة الاولى مفتوحا على مصراعيه ؟ لولا الخلود الى العجز والاطمئنان الى الكسل والرضا بالحرمان والقناعة بالجهل ومن ذا الذي يرضى لنفسه ان يكون من حيث يشعر او لا يشعر قائلا بان الله لم يبعث افضل كتبه وانبيائة ورسله بافضل اديانه وشرائعه ...........الا لينتهي الامر في ذلك كله الى ائمة تلك المذاهب فيحتكروه لانفسهم ويمنعوا من الوصول الى شيء منه عن طريق غيرهم حتى كان الدين الاسلامي بكتابه وسنته وسائر بيناته وادلته من املاكهم الخاصة وانهم لم يبيحوا التصرف به على غير رايهم فهل كانوا ورثة الانبياء ام ختم الله بهم الاوصياء والائمة وعلمهم علم ما كان وعلم ما بقي واتاهم ما لم يؤت احدا من العالمين ؟ كلا بل كانوا كغيرهم من اعلام العلم ورعاته وسدنته ودعاته وحاشا دعاة العلم ان يوصدوا بابه او يصدوا عن سبيله وما كانوا ليعتقلوا العقول والافهام ولا ليسلموا اظار الانام ولا ليجعلوا على القلوب اكنه .
فاذا جاز ان تكون المذاهب اربعة فلماذا لا يجوز ان تكون خمسة ؟ وكيف يمكن ان تكون الاربعة موافقة لاجتماع المسلمين فاذا زادت مذهبا خامسا تمزق الاجتماع.
فهل ترون اتباع اهل البيت سببا في قطع حبل الشمل ونثر عقد الاجتماع واتباع غيرهم موجبا لاجتماع القلوب واتحاد العزائم وان اختلفت المذاهب والاراء وتعددت المشارب والاهواء .